الجمعة، أوت 3

نضال البعث في تونس وأقطار المغرب العربي


نضال البعث في تونس وأقطار المغرب العربي

استطاع الحزب ان ينشئ له تنظيمات في كل من تونس وليبيا ، ويبني له علاقة وثيقة مع الحركة التقدمية في المغرب ولا سيما جناحها العمالي · اما في الجزائر فقد فضل الحزب الاكتفاء باسناد ثورتها ودعمها وتعميق محتواها القومي التقدمي ، ولم تنشأ له تنظيمات في موريتانيا الا في السبعينات
وقد تعرضت تنظيمات الحزب الناشئة في ليبيا الى حملة شعواء من قبل النظام الملكي الذي كان يحكمها · وشن هذا النظام حملة اعتقالات واسعة ضد المناضلين البعثيين عام 1961 متهماً اياهم بالعمل على الاطاحة به ، واستمرت معاناة الحزب مع النظام الجديد بعد الغاء النظام الملكي وهي معاناة وصلت الى حد حملات الاغتيال والتصفية للمناضلين البعثيين واما في تونس فقد تعرضت تنظيماته الى حملات تصفية متعاقبة منذ بداية نشوئها في اواخر الخمسينات واوائل الستينات · وكان نظام الحبيب بورقيبه يشن حملات اعتقال وتعذيب وترهيب وترغيب منظمة على هذه التنظيمات ومناضليها
ويمكن القول دونما مبالغة ان الحزب قام بدور اساسي في بناء الوعي القومي التقدمي في جميع الاقطار التي مر ذكرها ، وهو لا يزال يقوم بهذا الدور ، على الرغم مما يتعرض اليه من حرب خفية حيناً ، ومعلنة حيناً اخر ، من قبل الانظمة الحاكمة فيها ، وهي حرب يقترن فيها الترهيب والترغيب ، يواجه فيها المناضلون البعثيون انواعاً من الاذى والمضايقة والمطاردة التي تصل في كثير من الاحيان حد السجن والاعدام والاغتيال

الرفيق الراحل احمد ميشيل عفلق

القائد المؤسس الرفيق احمد ميشيل عفلق

الرفيق احمد ميشيل عفلق هو مؤسس البعث وواضع اسس عقيدته ، وقد اقترن تاريخ البعث ، طوال اكثر من نصف قرن ، بفكر هذا القائد الفذ ، ونضاله الفكري والسياسي ، ومسيرته الوضاءة الصافية ، وسيظل فكره ، ونضاله وسيرته ، نبع الهام ثراً لجميع رفاقه وتلاميذه الاوفياء ، ولكل مناضل يسعى لانهاض امته في الوطن العربي وفي العالم اجمع
ولد القائد المؤسس الرفيق احمد ميشيل عفلق في التاسع عشر من كانون الثاني عام 1910 في مدينة دمشق · وكانت اسرته رحمه الله اسرة عربية معروفة من جهة ابيه وامه · وكان البيت الذي نشأ فيه احد بيوت حي الميدان ، وهو حي من احياء دمشق القديمة كان معقلاً للوطنية والعروبة ومنبتاً للثورات الوطنية في سورية
ففي هذا الحي شهد الرفيق عفلق مبكراً صورة اعتقال والده على ايدي السلطة العثمانية كما شهد معالم الابتهاج بأول حكم استقلالي عربي عام 1918 ورأى صور مقاومة الاحتلال الفرنسي في معركة ميسلون عام 1920 ، وفي هذا الحي عايش اجواء الثورة السورية واخبارها يوماً بيوم ، ولاحظ اهل الحي وهم يطلقون شرارتها الاولى عام 1925 فكان لهذا كله اثر في صياغة وجدانه الوطني والقومي وتفتح وعيه واتقاده
وقد بدأ الرفيق القراءة والمطالعة في سن مبكرة ، وكانت قراءاته ومطالعاته تتفاعل مع معاناة البيئة التي نشأ فيها وتتجاوب مع همومه الوطنية والقومية

وقد تركزت قراءاته الاولى في ادب العرب وتاريخهم ، فاستهواه الشعر الوطني وشغف بسيرة الرسول العربي ، وقرأ بعض الكتابات العلمية والاجتماعية وهذا ادى الى تعميق وعيه القومي والاجتماعي ، وكان لخاله الدكتور شكري زيدان اثر كبير في توجيه قراءاته ومطالعاته
لذلك جاءت احداث الثورة السورية المسلحة عام 1925 ومعايشته اليومية لاجوائها واخبارها عاملاً مهماً في تطوير هذا الوعي ، خاصة وانها قد تزامنت مع احداث ثورة عربية اخرى في الريف المغربي على المستعمر الفرنسي نفسه
وحين اضطرت فرنسا في النهاية الى اتباع سياسة التفاوض ، وتجمع الوطنيون السوريون في حزب عرف باسم ( الكتلة الوطنية ) واشتركوا في اول مجلس تأسيسي ، وفي وضع دستور لسورية عام 1928 ، كانت اسرة القائد المؤسس ضمن هذا التكتل الوطني الجديد ، وشارك والده المرحوم يوسف عفلق في نشاطاته ، وكان القائد المؤسس نفسه مؤيداً لهذا التكتل ، وثبت على موقفه بالرغم من كل التقلبات السياسية اللاحقة ، وظل كذلك حتى انهى دراسته الثانوية وسافر الى فرنسا لإكمال دراسته

وهكذا اتجهت سيرة القائد المؤسس وجهة وطنية جادة منذ صباه ، فلم يلهه الصبا بما يلهي غيره عن قضايا وطنه وامته ، ولا صرفه عن تثقيف نفسه وتعميق وعيه ، بل اتجه الى كل ما هو مثمر وجاد في بناء الشخصية وتطويرها وزجها في انشطة ايجابية مفيدة ، وهذا في حد ذاته درس من الدروس

سافر الاستاذ عفلق الى باريس ليكمل دراسته في كلية الاداب بجامعة السوربون ، ويحصل منها على شهادة جامعية في حقل التاريخ · وكان اختياره هذا الحقل ذا صلة واضحة باهتماماته الفكرية والسياسية وبدلاً من ان تلهي باريس واضواؤها واجواؤها الخاصة شاباً مثله ، وتآخذه بعيداً عن قضايا وطنه وامته ، مارس رحمه الله النشاط الطلابي ببعديه السياسي والثقافي · فانضم الى جمعيتين هما : الجمعية العربية السورية وجمعية الثقافة العربية · وكانت الجمعية الاولى سياسية تطالب بالاستقلال والدفاع عن قضية فلسطين وتدعو الى الوحدة العربية الشاملة ، بينما كانت الاخرى جمعية ثقافية تعنى بالتعريف بآداب العرب ونتاجهم الفكري وتذكير العرب انفسهم بانهم ابناء ثقافة واحدة وحضارة واحدة ، وان التجزئة حدث طارئ على حياتهم

درس الاستاذ عفلق التاريخ دراسة علمية منهجية بوصفه موضوع تخصصه ولكنه لم يحصر قراءاته في هذا النطاق وحده وانما انهمك في الاطلاع على اعمال ابرز المفكرين والادباء الاوربيين المعاصرين · ومع انه شغف بآراء اولئك الكتاب واساليبهم لم ينس امته في تاريخها وحضارتها وخصائـصهـا ، كما يحدث لكثير ممن يدرسون في جامعات الغرب ويتأثرون بفلاسفته ومفكريه وبأنماط الحياة فيه ، ولا تجاهل واقع الامة الخاص ومشكلاتها وما تعانيه من استعمار وتخلف واستغلال ، فراح يدرس ماضي العرب بعمق وتأن ويحلل حاضرهم بتناقضاته وصراعاته ليستشرف من بعد ذلك المستقبل بما يخبئه من دور متميز لهذه الامة في سياسة العالم وحضارته

وفي باريس كان الاستاذ عفلق يلتقي بالطلبة العرب ولا سيما المغاربة منهم وكان يحاورهم في شؤون الامة وشجون اقطارها ، وكان هذا يعزز عنده القناعة بوحدة مشكلات الاقطار العربية ووحدة مصيرها ، ويؤكد له ان مؤامرة واسعة ومحبوكة كالتي يتعرض اليها الوطن العربي ، لا بد ان تقابلها ارادة عربية موحدة ونضال عربي موحد للرد عليها واحباطها · فلا فائدة إذاً من احزاب وحركات محلية تظهر في هذا القطر او ذاك ، مهما رفعت من شعارات وادعت من دعاوى ، وانما يجب ان يكون هناك تنظيم واحد بقيادة موحدة وعقيدة واضحة واصيلة تنظم العمل السياسي في الوطن العربي كله وتوجهه نحو اهداف محددة فيناضل من اجل ان تكون الوحدة العربية بديلاً للتجزئة ، والحرية بديلاً للاستعمار الاجنبي والاستبداد الداخلي ، والاشتراكية بديلاً للاستغلال وهيمنة الرجعية والاقطاع
وقد تجاوب مع هذه الافكار بعض زملاء الاستاذ عفلق واصدقائه ولا سيما صلاح الدين البيطار الذي اغتاله النظام السوري المجرم · وقد كان البيطار رحمه الله يدرس الفيزياء في باريس ، فتعاهد الشابان على العمل معاً من اجل هذه القضية وعلى ان يهبا حياتهما عند عودتهما الى الوطن ، لاهدافها السامية النبيلة ، بخلاف الكثيرين ممن يعدون الشهادة غاية الغايات ، ويستخدمونها لبناء حياة شخصية آمنه ومستقرة ، ويديرون ظهورهم لآلام الامة ومعاناتها ، وكأنهم ليسوا منها ، وغير معنيين باحوالها المتردية

عاد الاستاذ عفلق مع رفيقه البيطار الى سورية عام 1933 ، عادا وهما في شرخ الشباب ، وعينا مدرسين في اكبر مدارس دمشق واهمها ( مدرسة التجهيز الاولى ) ولكنهما لم ينسيا ما تعاهدا عليه ، ولا استسلما لدوامة الحياة اليومية ، ولا اغراهما ما تحقق من اهدافهما الشخصية ، بل شرعا بنشر بعض الكتابات السياسية التي اصبحت في ما بعد من طروحات الحزب الاولى وافكاره الاساسية

·ومع ان التوجهات الادبية كانت واضحة وواعدة لدى الاستاذ عفلق ولا سيما في مجال القصة القصيرة والمقالة والنقد ، ووجد فيها النقاد مستوى جديداً من الابداع السائد في تلك المرحلة · مع ذلك ، انصرف الاستاذ عن تلك التوجهات وانهمك في العمل السياسي وكرس قلمه للكتابات السياسية والـفـكـرية ، ولا سيما الكتابة حول القومية العربية ورسالة الامة واستعدادها لدخول مرحلة ثورية تحررية اصيلة وعميقة ذات آفاق حضارية وانسانية

وسرعان ما استقطبت هذه الافكار عدداً من الشبان القوميين المتحمسين من طلبة المدارس والجامعات فالتفوا حول الاستاذ عفلق ورفيقه البيطار ، وانتظموا معاً في موقف قومي واحد وعقيدة ثورية جديدة وراحوا يبشرون بها بين زملائهم ، غير ان هذا التجمع لم يتحول الى حركة سياسية الا بعد ان استكملت الشروط الموضوعية اللازمة لانشاء مثل هذه الحركة ، فكان ذلك في بداية الاربعينات ، اذ قام الاستاذ ورفيقه بتكوين اول جماعة سياسية منظمة سميت باسم ( الاحـيـاء الـعـربـي ) وصدر البيان الاول لهذه الـحـركـة فـي شـبـاط 1941وراحت هذه الحركة تبشر بافكارها وتمارس نشاطها السياسي ·· وكانت باكورة اعمالها ، نداءها للمشاركة في دعم انتفاضة العراق الوطـنـيـة عـام 1491 وتشكيل كتائب نصرة العراق

ولم يلبث الاستاذ عفلق ان استقال من مهنة التدريس واستقال معه البيطار عام 1941 وتفرغا معاً للعمل الحزبي ·· حتى اذا حل عام 1945 افتتح الاستاذ ورفيقه اول مكتب للحزب في دمشق ، ورددت قسم الحزب اول مجموعة بعثية من اعضائه

غير ان الاستاذ عفلق لم يكن مجرد مفكر سياسي ، بل كان مناضلاً بكل ما لهذه الكلمة من معنى · فكلما اقتضت معارك الامة حمل السلاح ، وجدت الاستاذ ورفاقه يهبون الى حمله · لقد حدث هذا اول مرة عام 1941 حين شكل حركة باسم ( حركة نصرة العراق ) ايام اندلاع ثورة 2 مارس ضد الاستعمار البريطاني وعملائه · ثم تكرر حين قصف المستعمرون الفرنسيون مدينة دمشق عام 1945 وتكرر مرة اخرى في نيسان 1948 حين قاد الاستاذ ورفيقه البيـطـار ، مجموعات المتطوعين البعثيين في حرب فلسطين ·· وهكذا هو المناضل البعثي ·· رجل فكر وتنظيم وسياسة وبناء في اوقات السلم ، ومقاتل ثوري مضح بالروح حين تقتضي معارك الامة القتال

وفي نيسان عام 1947 افتتح الاستاذ عفلق المؤتمر التأسيسي الاول للحزب ، واقر في هذا المؤتمر دستور الحزب ونظامه الداخلي ، وانتخب الاستاذ عميداً للحزب ( اي اميناً عاماً له ) وظل يشغل هذه المسؤولية حتى وفاته في 23 حزيران 1989 ، عدا ســـنــوات مـعـدودات (1965-1968) حين بدأ التمهيد لمؤامرة 23 شباط 1966 في سورية ، تلك المؤامرة التي استهدفت تصفية الحزب وتشويه شعاراته والتلاعب بافكاره ومبادئه

وقد تعرض الاستاذ عفلق مرات عديدة خلال حياته للاضطهاد والاعتقال والمطاردة والتشريد ·· وكثيراً ما اضطر بسبب هذا الى الاختفاء والتنقل وتغيير اماكن الاقامة · ففي ايلول عام 1948 حكم عليه بالسجن لمدة ستة اشهر في اثر عودته من ساحات القتال في فلسطين

وناضل الاستاذ عفلق ضد الدكتاتورية العسكرية التي تعاقبت على حكم سورية في اوائل الخمسينات واعتقل مع عدد كبير من رفاقه البعثيين

وقد لوحق الاستاذ غير مرة واستهدفت حياته غير مرة ، فاضطر الى مغادرة سورية والاقامة في لبنان وغيرها حتى استقر في العراق في اواسط السبعينات ·· ولم تكن ثمة معركة خاضتها الامة او قطر من اقطارها إلا وكان للاستاذ جهد فكري وسياسي في خوضها ·· وهكذا كان الامر مع حركات الاستقلال والثورة في اقطار المغرب العربي ، ولا سيما ثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي ·· وفور قيام ثورة 14 تموز 1958 زار الاستاذ العراق واعلن تأييد الحزب لها واسناده اياها

وكان الاستاذ عفلق داعية للوحدة العربية طوال حياته ، وفي المدة بين 1955 و 1958 كان ابرز الداعين الى وحدة مصر وسورية ، بما بذل من جهود فكرية وسياسية مكثفة وقوية ، وادى دوراً اساسياً في انجاز هذه الوحدة ·· وحين جرى التآمر ووقع الانفصال قاومه الاستاذ عفلق فكراً وسياسة ، فما كان من الانفصاليين الا اضطهاده وايذاؤه ··
وحين فجر الحزب ثورة 17 - 30 تموز 1968 في العراق ، وعززت الثورة خط الحزب الاصيل ، كان الاستاذ عفلق على صلة وثيقة برفاقه في بغداد يزورهم بين الحين والاخر ، ويطلع على نشاطاتهم وانجازاتهم ، ويلقي الكثير من الخطب والاحاديث التي تحتوي افكاره وتعبر عن تجربته النضالية الطويلة ، وظل هكذا حتى غادر لبنان واستقر في العراق حيث تبنى التجربة البعثية الاصيلة وتخاض معارك الامة الجهادية

وقد وجد الاستاذ عفلق في الرفيق القائد صدام حسين نموذج البعثي المناضل الذي وهبه الله مواهب القيادة ، وبنى بنفسه شخصيته النضالية ، وعزز بفكره ونضاله وخبرته العميقة ما وهبه الله ، وهو القائل عنه : إنه هدية البعث الى العراق .. وهدية العراق الى الامة

دســــــتور حزب البعث العربي الاشتراكي

دســــــتور حزب البعث العربي الاشتراكي

في الساعة الخامسة بعد ظهر يوم الجمعة 4 نيسان 1947 افتتحت الجلسة الثانية من أعمال المؤتمر التأسيسي للحزب ، استهلها القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق ( رحمه الله ) بكلمة بيّن فيها المراحل التي مر بها وضع دستور الحزب والاسس الفلسفية القومية التي قام عليها هذا الدستور المقدم إلى المؤتمر ، ثم ابتدأ أمين سر المؤتمر بتلاوة مشروع الدستور وأعقبه الأعضاء بمناقشته مادة مادة . وبعد أن تم إنجاز المبادىء الأساسية والعامة وسياسة الحزب الداخلية والخارجية تقرر رفع الجلسة الى صباح اليوم التالي .
وفي الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم السبت 5 نيسان 1974 افتتحت الجلسة الرابعة من أعمال المؤتمر ، فأقر المؤتمر سياسة الحزب الاجتماعية و المبادىء المتعلقة بالتربية والتعليم ، وأجل البحث في الناحية الاقتصادية إلى مساء اليوم التالي .
افتتحت الجلسة السادسة من أعمال المؤتمر بعد ظهر يوم 6 نيسان 1947 ، وفيها تم إقرار الناحية الاقتصادية في دستور الحزب
دســــــتور حزب البعث العربي الاشتراكي

البعث العربي الاشتراكي* حركة قوميـة شعبية انقلابية

تناضل في سبيل الوحدة العربية والحرية الاشتراكيــــــــــــــــــة
مبادىء اساسية

المبدأ الاول

وحدة الامة العربية وحريتهـــــــــا

العرب امة واحدة لها حقها الطبيعي في ان تحيا في دولة واحدة وان تكون حرة في توجيه مقدراتها
ولهذا فأن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر
الوطن العربي وحدة سياسية اقتصادية لا تتجزأ ولا يمكن لأي قطر من الاقطار العربية ان يستكمل شروط حياته منعزلا عن الآخر
الامة العربية وحدة ثقافية ، وجميع الفوارق القائمة بين ابنائها عرضية زائفة تزول جميعها بيقظة الوجدان العربي
الوطن العربي للعرب ، ولهم وحدهم حق التصرف بشؤونه وثرواته وتوجيه مقدراته

المبدأ الثانــــي

شخصية الامــة العربيـــــــــــة

الامة العربية تختص بمزايا متجلية في نهضاتها المتعاقبة ، وتتسم بخصب الحيوية والابداع ، وقابلية التجدد والانبعاث ، ويتناسب انبعاثها دوماً مع نمو حرية الفرد ومدى الانسجام بين تطوره وبين المصلحة القومية .
ولهذا فأن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر
ـحرية الكلام والاجتماع والاعتقاد والفن مقدسة لا يمكن لأية سلطة ان تنتقصها

قيمة المواطنين تقدر ــ بعد منحهم فرصاً متكافئة ــ بحسب العمل الذي يقومون به في سبيل تقدم الامة العربية وازدهارها دون النظر الى أي اعتبار آخر

المبدأ الثالــــث

رسالــة الامـة العربيــــــــة

الامة العربية ذات رسالة خالدة تظهر باشكال متجددة متكاملة في مراحل التاريخ . وترمي الى تجديد القيم الانسانية وحفز التقدم البشري وتنمية الانسجام والتعاون بين الامم
ولهذا فأن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر
الاستعمار وكل ما يمت اليه عمل اجرامي يكافحه العرب بجميع الوسائل الممكنة ، وهم يسعون ضمن امكانياتهم المادية والمعنوية الى مساعدة جميع الشعوب المناضلة في سبيل حريتها
الانسانية مجموع متضامن في مصلحته ، مشترك في قيمه وحضارته ، فالعرب يتغذون من الحضارة العالمية ويغذونها ويمدون يد الأخاء الى الامم الاخرى ويتعاونون معها على ايجاد نظم عادلة تضمن لجميع الشعوب الرفاهية والسلام ، والسمو في الخلق والروح
مبادىء عامـــــــة

المادة ( 1 ):ــ حزب ( البعث العربي الاشتراكي ) حزب عربي شامل تؤسس له فروع في سائر الأقطار العربية وهو لا يعالج السياسة القطرية الا من وجهة نظر المصلحـة العربية العليا
المادة ( 2 ) :ــ مركز الحزب العام هو حالياً دمشق ويمكن ان ينقل الى أية مدينة عربية اخرى اذا اقتضت ذلك المصلحة القومية
المادة ( 3 ) :ــ حزب البعث العربي الاشتراكي قومي يؤمن بأن القومية حقيقة حية خالدة ، وبأن الشعور القومي الواعي الذي يربط الفرد بأمته ربطا" وثيقا" هو شعور مقدس ، حافل بالقوى الخالقة ، حافز على التضحية ، باعث على الشعور بالمسؤولية عامل على توجيه انسانية الفرد توجيهاً عملياً مجدياً
والفكرة التي يدعو اليها الحزب هي ارادة الشعب العربي ان يتحرر ويتوحد ، وان تعطى له فرصة تحقيق الشخصية العربية في التاريخ وان تتعاون مع سائر الامم على كل ما يضمن للانسانية سيرهم القويم الى الخير والرفاهية
المادة ( 4 ) :ــ حزب ( البعث العربي الاشتراكي ) اشتراكي يؤمن بأن الاشتراكية ضرورة منبعثة من صميم القومية العربية لانها النظام الامثل الذي يسمح للشعب العربي بتحقيق امكانياته وتفتح عبقريته على اكمل وجه فيضمن للامة نمواً مطرداً في انتاجها المعنوي والمادي وتآخياً وثيقاً بين افرادها

المادة ( 5 ) :ــ حزب ( البعث العربي الاشتراكي ) شعبي يؤمن بأن السيادة هي ملك الشعب وانه وحده مصدر كل
سلطة وقيادة ، وان قيمة الدولة ناجمة عن انبثاقها عن ارادة الجماهير ، كما ان قدسيتها متوقفة على مدى حريتهم في اختيارها . لذلك يعتمد الحزب في اداء رسالته على الشعب ويسعى للاتصال به اتصالا" وثيقا" ويعمل على رفع مستواه العقلي والاخلاقي والاقتصادي والصحي لكي يستطيع الشعور بشخصيته وممارسة حقوقه في الحياة الفردية والقومية
المادة ( 6 ) :ــ حزب ( البعث العربي الاشتراكي ) انقلابي يؤمن بأن اهدافه الرئيسية في بعث القومية العربية وبناء الاشتراكية لا يمكن ان تتم الا عن طريق الانقلاب والنضال ، وان الاعتماد على التطور البطيء والاكتفاء بالاصلاح الجزئي السطحي يهددان هذه الاهداف بالفشل والضياع لذلك فهو يقرر
أ ــ النضال ضد الاستعمارالاجنبي لتحرير الوطن العربي تحريراً مطلقاً كاملاً
ب ــ النضال لجمع شمل العرب كلهم في دولة مستقلة واحدة

جـ ــ الانقلاب على الواقع الفاسد انقلابا" يشمل جميع مناحي الحياة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية

المادة ( 7 ) :ــ الوطن العربي هو هذه البقعة من الارض التي تسكنها الامة العربية ، والتي تمتد ما بين جبال طوروس وجبال بشتكويه وخليج البصرة والبحر العربي وجبال الحبشة والصحراء الكبرى والمحيط الاطلسي والبحر الابيض المتوسط
المادة ( 8 ) :ــ لغة الدولة الرسمية ولغة المواطنين المعترف بها في الكتابة والتعليم هي اللغة العربية
المادة ( 9 ) :ــ راية الدولة العربية هي راية الثورة العربية التي انفجرت عام 1916 لتحرير الامة العربية وتوحيدها
المادة ( 10 ) :ــ العربي هو من كانت لغته العربية ، وعاش في الارض العربية او تطلع الى الحياة فيها ، وآمن بانتسابه الى الامة العربية
المادة ( 11 ) :ــ يجلى عن الوطن العربي كل من دعا او انضم الى تكتل عنصري ضد العرب وكل من هاجر الى الوطن العربي لغاية استعمارية
المادة ( 12 ) :ــ تتمتع المرأة العربية بحقوق المواطن كلها ، والحزب يناضل في سبيل رفع مستوى المرأة حتى تصبح جديرة بتمتعها بهذه الحقوق
المادة ( 13 ) :ــ تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم والحياة الاقتصادية كي يظهر المواطنون في جميع مجالات النشاط الانساني كفاءتهم على وجهها الحقيقي وفي حدودها القصوى
المنهاج
سياسة الحزب الداخلية

المادة ( 14 ) :ــ نظام الحكم في الدولة العربية هو نظام نيابي دستوري والسلطة التنفيذية مسؤولة امام السلطة التشريعية التي ينتخبها الشعب مباشرة
المادة ( 15 ) :ــ الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة ، وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والاقليمية
المادة ( 16 ) :ــ نظام الادارة في الدولة العربية نظام لا مركزي
المادة (17 ) :ــ يعمل الحزب على تعميم الروح الشعبية ( حكم الشعب ) وجعلها حقيقة حية في الحياة الفردية ، ويسعى الى وضع دستور للدولة يكفل للمواطنين العرب المساواة المطلقة امام القانون والتعبير بملء الحرية عن ارادتهم واختيار ممثليهم اختياراً صادقاً و يهيىء لهم بذلك حياة حرة ضمن نطاق القوانين
المادة ( 18 ) :ــ يوضع بملء الحرية تشريع موحد للدولة العربية منسجم مع روح العصر الحاضر وعلى ضوء تجارب الامة العربية في ماضيها
المادة ( 19 ) :ــ السلطة القضائية مصونة ومستقلة عن اية سلطة اخرى وهي تتمتع بحصانة مطلقة
المادة ( 20 ) :ـ تمنح حقوق اللمواطنين كاملة لكل مواطن عاش في الارض العربية واخلص للوطن العربي وانفصل عن كل تكتل عنصري .
المادة (12 ) :ــ الجندية اجبارية في الوطن العربي
سياسات الحزب الخارجية

المادة ( 22 ) :ــ تستوحي السياسة الخارجية للدولة العربية من المصلحة القومية العربية ومن رسالة العرب الخالدة التي ترمي الى المساهمة مع الامم الاخرى في ايجاد عالم منسجم حر آمن يسير في سبيل التقدم الدائم

المادة ( 23 ) :ــ يناضل العرب بكل قواهم لتقويض دعائم الاستعمار والاحتلال وكل نفوذ سياسي او اقتصادي اجنبي في بلادهم

المادة ( 24 ) :ــ لما كان الشعب العربي وحده مصدر كل سلطة ، لذلك تلغى كل ما عقدته الحكومات من معاهدات واتفاقات وصكوك تخل بسيادة العرب التامة
المادة ( 25 ) :ــ ان السياسة العربية الخارجية تستهدف اعطاء الصورة الصحيحة عن ارادة العرب بان يعيشوا احرارا" وعن رغبتهم الصادقة بان يجدوا جميع الامم تتمتع مثلهم بالحرية
سياسة الحزب الاقتصادية

المادة ( 26 ) :ــ حزب ( البعث العربي الاشتراكي ) اشتراكي يؤمن بأن الثروة الاقتصادية في الوطن العربي ملك للامة
المادة ( 27 ) :ــ ان التوزيع الراهن للثروات في الوطن العربي غير عادل لذلك يعاد النظر في امرها وتوزع بين المواطنين توزيعا" عادلا
"
المادة ( 28 ) :ــ المواطنون جميعا" متساوون بالقيمة الانسانية ولذا فالحزب يمنع استغلال جهد الآخرين
المادة ( 29 ) :ــ المؤسسات ذات النفع العام وموارد الطبيعية الكبرى ووسائل الانتاج الكبير ووسائط النقل ذات الاستثمار الكبير ملك الامة تديرها الدولة مباشرة وتلغى الشركات والامتيازات الاجنبية
المادة ( 30 ) :ــ تحدد الملكية الزراعية واشكال الاستثمار الزراعي تحديدا" يتناسب مع مقدرة المالك على الاستثمار ونوعية الزراعة والظروف الزراعية والاقتصادية السائدة في كل منطقة دون استغلال جهد الآخرين تحت اشراف الدولة ووفق برنامجها الاقتصادي العام

المادة ( 31 ) :ــ القطاع الاشتراكي هو القطاع القائد في التنمية الاقتصادية ويمكن ان توجد بجانبه قطاعات اخرى كالقطاع التعاوني والقطاع الخاص ، وتوفر الدولة الظروف المساعدة لنمو العام لمجموع الاقتصاد القومي

المادة ( 32 ) :ــ تسعى الدولة لتحقيق افضل العلاقات بين الادارة والعاملين في الوحدات الانتاجية لتحقيق افضل النتائج الاقتصادية والانسانية بما في ذلك الاشتراك بالادارة والارباح وربط الاجر والرواتب بمستوى الانتاجية كما" ونوعا
"
المادة ( 33 ) :ــ الحافز الذاتي عامل هام في التطور لذلك تعمل الدولة على تشجيع الحوافز الذاتية والمنافسة في كافة مجالات النشاط الاقتصادي لمصلحة مجموع المجتمع
المادة ( 34 ) :ــ ملكية العقارات المبنية حق للمواطنين جميعا" وتسعى الدولة لضمان حد ادنى معقول من التملك العقاري لاغراض السكن وتنظم الدولة ايجار العقارات بما يكفل تحقيق المصلحة العامة الاقتصادية والاجتماعية
المادة ( 35 ) :ــ التملك والارث حقان طبيعيان ومصونان في حدود المصلحة القومية

المادة ( 36 ) :ــ يمنع الربا بين المواطنين وتؤمن الدولة بواسطة نظامها المصر في القروض التي يحتاجها المواطنون لمختلف الاغراض بشروط ميسرة وبما يؤدي لتحقيق المصلحة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع

المادة (37 ) :ــ تتخذ الدولة الاجراءات التنظيمية في مجال التجارتين الداخلية والخارجية لالغاء الاستغلال بين المنتج او المستورد وبين المستهلك ولحماية الانتاج الوطني ضمن البرنامج الاقتصادي العام وبحدود المصلحة العامة للاقتصاد القومي

المادة ( 38 ) :ــ يوضع برنامج شامل على ضوء احدث التجارب والنظريات الاقتصادية لتصنيع الوطن العربي وتنمية الانتاج القومي وفتح آفاق جديدة له وتوجيه الاقتصاد الصناعي في كل قطر بحسب امكانياته وبحسب توفر المواد الاولية فيه
سياسة الحزب الاجتماعية

المادة ( 39 ) :ــ الاسرة والنسل والزواج
البند الاول ــ الاسرة خلية الامة الاساسية وعلى الدولة حمايتها وتنميتها واسعادها
البند الثاني ــ النسل امانة في عنق الاسرة اولا والدولة ثانيا وعليهما العمل على تكثيره والعناية بصحته وتربيته
البند الثالث ــ الزواج واجب قومي وعلى الدولة تشجيعه وتسهيله ومراقبته
المادة ( 40 ) :ــ صحة المجتمع
تنشىء الدولة على نفقتها مؤسسات الطب الوقائي والمصحات والمستشفيات التي تفي بحاجة المواطنين كلهم على الوجه الاكمل ، وتضمن لهم المعالجة المجانية
المادة ( 41 ) :ــ العمل
البند الاول ــ العمل الزامي على كل من يستطيعه وعلى الدولة ان تضمن عملا فكريا" او يدويا" لكل مواطن

البند الثاني ــ يجب ان يكفل مورد العمل لعامله على الاقل ، مستوى لائقا من الحياة
البند الثالث ــ تضمن الدولة معيشة العاجزين عن العمل جميعا
البند الرابع ــ سن تشريع عادل للعامل يحدد ساعات العمل اليومي ويمنحه عطلة اسبوعية وسنوية مأجورتين ويصون حقوقه ويكفل التأمين الاجتماعي في الشيخوخة وتعويض العطل الجزئي او الكلي اثناء العمل

البند الخامس ــ تأليف نقابات حرة للعمال والفلاحين وتشجيعها لتصبح اداة صالحة للدفاع عن حقوقهم ورفع مستواهم وتعهد كفاءاتهم وزيادة الفرص الممنوحة لهم ، وخلق روح التضامن بينهم وتمثيلهم في محاكم العمل العليا

البند السادس ــ تأليف محاكم خاصة للعمل تمثل فيها الدولة ونقابات العمال والفلاحين وتفصل في الخلافات التي تقع بينهم وبين مديري المعامل وممثلي الدولة
المادة ( 42 ) :ــ ثقافة المجتمع
البند الاول ــ يعمل الحزب في سبيل ايجاد ثقافة عامة للوطن العربي
قومية ، عربية ، حرة ، تقدمية ، شاملة ، عميقة وانسانية في مراميها ، وتعميمها في جميع اوساط الشعب
البند الثاني ــ الدولة مسؤولة عن صيانة حرية القول والنشر والاجتماع والاحتجاج والصحافة ، في حدود المصلحة العربية العليا ، وتقديم كل الوسائل والامكانيات التي تحقق هذه الحرية .
البند الثالث ــ العمل الفكري من اقدس انواع العمل وعلى الدولة ان تحمي المفكرين والعلماء وتشجعهم

البند الرابع ــ فسح المجال ، في حدود الفكرة القومية العربية ، لتأسيس النوادي وتأليف الجمعيات والاحزاب ومنظمات الشباب ومؤسسات الساحة والاستفادة من السينما والاذاعة والتلفزة وكل وسائل المدنية الحديثة في تعميم الثقافة القومية وترقية الشعب
المادة ( 43 ) :ــ الغاء التفاوت الطبقي والتمايز
التفاوت الطبقي نتيجة لوضع اجتماعي فاسد ، لذلك فالحزب يناضل في صف الطبقات الكادحة المضطهدة من المجتمع حتى يزول هذا التفاوت والتمايز ويستعد المواطنون جميعا" قيمتهم الانسانية كاملة وتتاح لهم الحياة في ظل نظام اجتماعي عادل لا ميزة فيه لمواطن على آخر سوى كفاءة الفكر ومهارة اليد
المادة (44 ) :ــ البداوة
البداوة حالة اجتماعية ابتدائية تضعف الإنتاج القومي وتجعل من فريق كبير من الأمة عضواً فاشل وعاملاً على عرقلة نموها وتقدمها والحزب يناضل في سبيل تحضير البدو ومنحهم الأراضي وإلغاء النظم العشائرية وتطبيق قوانين الدولة عليهم
سياسة الحزب في التربية والتعليم

ترمي سياسة الحزب التربوية إلى خلق جيل عربي جديد مؤمن بوحدة أمته وخلود رسالتها ، آخذ بالتفكير العلمي ، طليق من قيود الخرافات والتقاليد الرجعية ، مشبع بروح التفاؤل والنضال والتضامن مع مواطنيه في سبيل تحقيق الانقلاب العربي الشامل وتقدم الإنسانية
ولذا فالحزب يقرر
المادة ( 45 ) :ــ طبع كل مظاهر الحياة الفكرية والاقتصادية والسياسية والعمرانية والفنية بطابع قومي عربي يعيد للامة صلتها بتاريخها المجيد ويحفزها الى ان تتطلع الى مستقبل امجد وأمثل
المادة ( 46 ) :ــ التعليم وظيفة من وظائف الدولة وحدها ولذا تلغى كل مؤسسات التعليم الاجنبية والاهلية

المادة ( 47 ) :ــ التعليم بكل مراحله مجاني للمواطنين جميعا" ، والزامي في مراحله الابتدائية والثانوية
المادة ( 49 ) :ــ حصر مهنة التعليم وكل ما له مساس بالتربية بالمواطنين العرب ويستثنى من ذلك التعليم العالي
تعديل الدستور
مادة منفردة لا تعدل المبادىء الأساسية والعامة ، وتعدل بقية مواد الدستور بموافقة ثلاثة ارباع المؤتمر القومي للحزب بعد اقتراح يقدم من قبل القيادة القومية

أهداف حزب البعث



أهداف البعث


لقد لخص البعث مشروعه الحضاري بالنضال من اجل تحقيق أهداف ثلاثة كبرى هي : الوحدة والحرية والاشتراكية · إن مفاسد الواقع الذي تعيشه الأمة اليوم تتلخص في : التجزئة ، وغياب الحرية وتفشي الاستغلال ، وتأتي الأهداف التي يناضل من اجلها البعث لحل هذه الناقضات وللقضاء على هذه المفاسد ذلك ان تحقيق هذه الأهداف ينقل الأمة من الواقع المشوه الذي تعيشه إلى واقع جديد سويّ ويضعها على عتبات نهضة جديدة ، ويمكنها من استكمال مشروعها الحضاري وأداء رسالتها الإنسانية وقبل التعرف على طبيعة هذه الأهداف ومضامينها لا بد لنا من أن نفهم فكرتين أساسيتين


الفكرة الأولى : إن هذه الأهداف مترابطة في ما بينها ترابطاً عضوياً حياً وفعالاً ، بالرغم من أهمية الوحدة العربية ورجحانها المعنوي وتقدمها على سائر الأهداف ، لا تكفي وحدها لتحرير إرادة الأمة وتحقيق نهضتها وأداء رسالتها · إذ لا بد لهذه الوحدة من أن تكون مقترنة بتحرر الأمة من أشكال النفوذ الأجنبي كافة ومن أشكال القمع والتسلط والوصاية الداخلية جميعاً ، وكذلك لا بد للوحدة من أن تكون ذات مضمون اشتراكي تتوفر في ظله العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين المواطنين العرب · وبدون ذلك ، أي بدون توفر الحرية والاشتراكية في مجتمع الوحدة لا تتحرر إرادة الأمة ولا تتفجر طاقات جماهيرها الكامنة ، ولا تحرص هذه الجماهير على العمل من اجل الوحدة قبل قيامها ، ولا تحمي الوحدة بعد قيامها ، وبالتالي تعجز الأمة عن تحقيق نهضتها وأداء رسالتها

الفكرة الثانية : هي أن تحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية ليس نهاية المطاف لا بالنسبة للأمة ولا بالنسبة للحزب فتحقيق هذه الأهداف ليس مطلوباً لذاته فحسب ، بل هو مطلوب أساساً لتحقيق نهضة عربية شاملة تمكن الأمة من تفجير طاقاتها الخلاقة المبدعة وتؤهلها لأداء رسالتها الإنسانية وخدمة البشرية ، بما تقدمه من قيم روحية حضارية رفيعة ، وبما تنتجه من ثمار الحضارة المادية وهذا يعني أن بناء المجتمع العربي الاشتراكي الديمقراطي الموحد هو مجرد مقدمة لمرحلة جديدة في حياة العرب مرحلة أداء الرسالة الإنسانية بمعناها الشامل العميق

كما يعني وحدة الوسيلة والهدف فالنضال من اجل تحقيق هذه الأهداف ينبغي أن يرتفع دوماً إلى مستوى متطلبات العمل المبدئي الأخلاقي التاريخي وهو يعني أيضاً ، أن دور الحزب القيادي في حياة الأمة لا ينتهي بمجرد بناء ذلك المجتمع بل يستمر لقيادة الأمة في مرحلتها الجديدة ، مرحلة أداء الرسالة

الوحدة


ينطلق مفهوم الوحدة العربية لدى البعث من مسلمة بسيطة واضحة ، ومن حقيقة موضوعية ملموسة ، هي ان العرب امة واحدة ، تجمعها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافية والدور الحضاري المشترك ، وتجعل لها شخصية ذات هوية واحدة ، ورسالة واحدة في الحياة الانسانية ·
اما التجزئة التي نراها اليوم فهي حالة مرضية عارضة · كان للغزوات الاجنبية ، ولتسلل الاجانب الى مواقع قيادته في حياة الامة ، ولمطامع الزعماء وانانيتهم ، دور اساسي في خلقها في الماضي ، وكان للاستعمار والصهيونية وللحكام المرتبطين بهما ، او الخاضعين لنفوذهما وسطوتهما او المنتفعين من اوضاع التجزئة والمخدوعين بمغرياتها ، دور مشابه في تثبيتها وترسيخها في عصرنا الراهن ·
لذلك يجب ان تعود الامة العربية الى وضعها الطبيعي شأنها في ذلك شأن الامم الموحدة ، او التي توحدت ، اي لا بد من ان تتخلص من التجزئة وتستعيد وحدتها القومية الكاملة ·
غير ان الوحدة العربية التي ينشدها البعث ليست وحدة سياسية شكلية ، لا تختلف عن التجزئة الا بالاسم ، كبعض اشكال الوحدة التي قامت بها الحكومات العربية واصبحت حبراً على ورق ، بل هي وحدة كيانية عميقة ، وحدة تفاعل والتحام وحدة خلق جديد ، وحدة لا تقوم على اساس الجمع الكمي (العددي) بين الاقطار العربية ، بل على اساس الالتحام العضوي الحي بين هذه الاقطار ، وصهر جميع امكانتها المادية والبشرية في بوتقة واحدة وخلقها خلقاً جديداً ، يجعل منها جسماً حياً واحداً بارادة واحدة ، وفعالية واحدة فهذه هي الوحدة التي تنقل الامة الى حالة نوعية جديدة تجعلها قادرة على تحقيق نهضتها الحضارية واداء رسالتها الانسانية ·
وبهذا المعنى فان الوحدة في نظر البعث ثورة تاريخية تحقق تحولاً شاملاً في حياة العرب ، وفي نظرتهم الى انفسهم والى العالم من حولهم ، وفي طريقة تفكيرهم واسلوب حياتهم ، وفي ممارسة دورهم في المجتمع الانساني ، فيتجهون الى انفسهم والى العالم ، ويواجهون قضايا الحاضر والمستقبل ، وهم كيان واحد ، امة واحدة ، موحدة في ارادتها وفي امكاناتها وفي مصالحها ، وفي دورها الحضاري · وما لم تكن الوحدة على هذه الدرجة من العمق والشمول فإنها تظل شكلية ، وتظل عرضة للعواصف والتقلبات وبروز التناقضات ·
ولهذا احتلت الوحدة وقضية الوحدة ، مكانة بارزة في فكر البعث وفي نضاله ، وفي تركيبه التنظيمي وحياته الداخلية حتى اعطاها البعث ( تقدماً ورجحاناً معنوياً ) على الحرية والاشتراكية ، وصاغ لها نظريتها الخاصة بالرغم من ترابط اهدافه الثلاثة ، وتعذر فصل احدها عن الاخر ·
ولهذا ايضاً اتخذت الوحدة في فكر البعث شكل ثورة فكرية ونفسية عميقة وشاملة ، شكل انبعاث روحي ، فارتبطت عنده بمفهوم الانقلاب الجذري على الواقع المريض الذي تعيشه الامة فالانقلاب على هذا الواقع لا يتحقق بمداه العميق الشامل الا بعقلية الوحدة ونفسيتها ، سواء اكان ذلك على مستوى الامة ام على مستوى الحزب ومناضليه ، حتى ليصح القول اننا لا نكون انقلابيين بالمعنى العميق لهذا المصطلح الا اذا كنا وحدويين في الفكر والسلوك ·
ولذلك اتخذ البعث من الايمان بالوحدة ، ومن النضال اليومي في سبيلها ، معياراً لثورية الافراد والجماعات ، ولثورية الامة نفسها في هذه المرحلة التاريخية ·
بل ان اهمية الوحدة في فكر البعث قد ارتقت الى الحد الذي اقترنت فيه برسالة الامة في الحياة ، وهذا ما يعبر عنه بكثافة شعار الحزب ( امة عربية واحدة - ذات رسالة خالدة ) · ذلك ان الامة العربية لا تستطيع ان تستكمل شروط انبعاثها وتحقيق نهضتها الحضارية ، والنهوض باعباء رسالتها الانسانية الا بالوحدة · وفي مجتمع الوحدة ، فالوحدة هي الاطار الانسب والانضج والارقى لتفتح طاقات الامة وازدهارها وارتقائها الى مستوى التعبير عن رسالتها الحضارية ·
غير ان تحقيق الوحدة ليس بالامر السهل فكل اعداء الامة العربية هم اعداء وحدتها ، وفي مقدمة الاعداء الامبرياليون والصهاينة · وذلك ان هؤلاء يدركون ان الوحدة طاقة انبعاثية جبارة تعصف بكل اشكال الهيمنة والاغتصاب ، وتحول الامة الى قوة عظمى قادرة على ان تؤدي دوراً عالمياً ايجابياً لصالح الانسانية المعذبة ، وهذا ما لا يريدونه ويضعون كل العراقيل التي يستطيعون وضعها في سبيله ·
وليس هؤلاء وحدهم من ينفر من الوحدة ويقاوم فكرتها بل هناك الى جانبهم شرائح من ابناء الامة · وليس هذا بمستغرب · ذلك ان للتجزئة ارثاً ثقيلاً في حياة العرب ، فقد مرت عليهم منذ سقوط بغداد في ايدي المغول عام 1258م قرون وهم يعيشون حياة التجزئة بكل اشكالها المختلفة ، ويتفاعلون مع اوضاعها المادية والنفسية ويتأثرون بها فكراً وسلوكاً ، حتى غدت الوحدة في نظر بعضهم مجرد حلم من احلام الساسة الخياليـيـن ·
وغدت في نظر غيرهم هدفاً مؤجلاً لا ينبغي الانشغال به وتقديم التضحيات في سبيله ، في الوقت الراهن · بل لقد غدت الوحدة في نظر اخرين تهديداً مباشراً لمصالحهم الانانية الضيقة وامتيازاتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي غنموها في ظروف التجزئة ، وفي مقدمة هؤلاء الحكام الفاسدون والشرائح الاجتماعية الطفيلية ·
لهذا يرى البعث ان معركة الوحدة اصعب معركة تواجهها الامة منذ زمن طويل ، وان هذه المعركة تتطلب قبل كل شيء ان نجعل من الوحدة هدفاً شاخصاً من اهداف نضالنا اليومي ، هدفاً غير قابل للنسيان فالظروف قد تتطور في اتجاهات تكرس التجزئة وتخدم اوضاعها وتضع امام الوحدة المزيد من العراقيل ·
ولكي يتحقق هذا الهدف لا بد له من جهد فكري يومي لبناء وعي جديد وعي وحدوي متطهر من انانيات التجزئة وعصبيتها ومغرياتها ، ثم لا بد من تعميم هذا الوعي ونشره على اوسع نطاق ، بحيث يكون عنصراً متحكماً في التفكير والسلوك ، ونشيداً يلهب النفوس حماسة لقضية الوحدة والنضال في سبيلها والتضحية من اجلها وبذلك يكون هذا الوعي بمثابة انبعاث روحي جديد·
وهذا يعني ان النضال من أجل الوحدة يجب ان يكون عملاً منظماً يقوده حزب منظم ، حزب وحدوي في فكره وتنظيمه ، حزب تدخل الوحدة في نسيج فكره ، وفي وعي مناضليه ، وفي بنيته التنظيمية ، بحيث يصبح طليعة جديرة بقيادة النضال الوحدوي ، واداة مؤهلة من كل الجوانب لتحقيق الوحدة ·
وبناء على ذلك اختلفت نظرة الحزب الى الوحدة وقضية الوحدة ، عن نظرة غيره من الاحزاب والقوى السياسية التي تنادي بها · فالوحدة لم تدخل في نسيج فكر تلك الاحزاب ، ولا في بنيتها التنظيمية ، ولا في مفردات نضالها اليومي كما هو الحال عند البعث ، بل ظلت شعاراً مجرداً يذكر في المناسبات ، وتبشيراً ( عاماً ) يتسع لشتى التناقضات ، وهدفاً مؤجلاً ينتظر الظروف المواتية والفرص السانحة ·
وهكذا يصح من هذه الناحية ، ان نصف حزب البعث العربي الاشتراكي بأنه حزب الوحدة العربية

واليوم ، وبعد ام المعارك ، يزداد هدف الوحدة اهمية وخطورة · فقد اصبحت المواجهة المصيرية بين الامة العربية وقواها الحية وطلائعها واجيالها الشابة من جهة واعداء وحدتها ونهضتها من جهة اخرى ، تفرض توحيد النضال العربي وتعبئة جماهير الامة كلها لصد المؤامرة على مستقبلها وعلى هويتها القومية فأعداء الامة يريدون اليوم تشويه هذه الهوية بل محوها ، بتثبيت التجزئة بين الاقطار العربية وبطرح مشاريع لدمج الكيان الصهيوني بالمنطقة بحيث تعطي لاقطار المشرق العربية هوية جديدة غير هويتها العربية الحقيقية هي ما يسمى اليوم بالهوية الشرق اوسطية ، وهذا يعني ان معركة الوحدة اصبحت معركة دفاع عن هوية الامة وبقائها الحضاري

الحرية
للحرية عند البعث مفهوم شامل وعميق يتجاوز المعنى السياسي الشكلي الى المعنى الوجودي الانساني
فالحرية في مفهوم البعث تعني تحرير ارادة الامة العربية من كل ما يكبلها من اشكال الاعاقة ، والقمع والوصاية ، والهيمنة ، على المستويين الداخلي والخارجي · ومن كل ما يمنع انطلاق طاقاتها المبدعة الكامنة ويعيق نهوضها الحضاري وقيامها بدورها الرسالي في المجتمع الانساني ويكمن وراء تغييب ارادة الامة العربية وقمعها شكلان من اشكال الهيمنة سبقت الاشارة اليهما
اولهما الهيمنة الاجنبية بشتى اشكالها وفي مقدمتها الاغتصاب والاحتلال والنفوذ السياسي الاجنبي ، والتبعية الاقتصادية ، ونهب الثروات القومية ، والحصار العلمي والتقني ، ولو نظرنا الى واقع الوطن العربي لوجدنا ان الامبريالية والصهيونية تمارسان فيه جميع هذه الاشكال ، وتكبل الامة بكل هذه القيود ، وذلك لتمنعها من تقرير مصيرها وبناء مستقبلها بنفسها ، لانها لا تريد للامة ان تنهض وتريد للوطن العربي ان يظل مزرعة تدر لها الخيرات ومن هنا نجد ان من معاني الحرية في مفهوم البعث التحرر الكامل من جميع اشكال السيطرة الاجنبية : سياسية كانت ام اقتصادية ام اجتماعية ام ثقافية

ثانيهما : هيمنة الحكام الطغاة المرتبطين بالقوى الاجنبية الاستعمارية او الخاضعين لها ولمخططاتها او السائرين في ركابها على مقدرات ابناء الامة ، ومنعهم بقوة السلطة ، وقمع الاجهزة القمعية ، من التعبير عن ارادة الامة الحقيقية ، وحماية مصالحها ، والعمل من اجل نهضتها وبناء مشروعها الحضاري

ولا يغير من واقع هؤلاء الحكام شيئاً ان بعضهم شرع الدساتير واصدر قوانين ذات مظهر خارجي ديمقراطي ، واقام حياة برلمانية تمارس فيها الانتخابات ، وسمح لبعض الاحزاب بممارسة العمل السياسي ، واعطى لهذه الاحزاب صحفاً تعبر فيها عن ارائها · ذلك ان الدساتير نفسها قد لا تعبر عن ارادة الامة تعبيراً حقيقياً ، والحياة البرلمانية قد تكون نسخة مشوهة من الحياة البرلمانية الغربية · والانتخابات غالباً ما تزيف ، والاحزاب المجازة محوطة بخطوط حمر لا يسمح لها بتجاوزها والصحف لا تكتب الا ما يسمح لها ان تكتب فيه · ووراء كل ذلك اجهزة قمعية كبيرة وقوية ومتنفذة مستعدة لارتكاب افظع الجرائم ·

ومن هنا نجد ان من معاني الحرية في مفهوم البعث ازاحة هذا النوع من الحكام ، واتاحة الفرصة لابناء الامة للتعبير عن ارادتهم دون قيود ، واقامة حياة ديمقراطية تستمد مفاهيمها من تراث الامة · ومن تجاربها وحاجاتها الخاصة · وعدم نقل التجربة الغربية التي اثبت الواقع الملموس انها ممارسة شكلية تزيف ارادة الشعوب وتستلبها وتضعها في دوامة من الاعلام المضلل وتمنعها من رؤية الحقائق التي تحصن حياتها الا بمنظار كبار الرأسماليين والساسة المرتبطين بهم وبمصالحهم

على ان التحرر من هذين الشكلين من اشكال الهيمنة لا يكفي في حد ذاته لتحرير ارادة الامة واطلاق طاقتها الكامنة ، فالحرية في مفهوم البعث لا تأخذ مداها الكامل ولا تصل الى معناها الشامل العميق الا في المجتمع العربي الاشتراكي الديمقراطي الموحد · فما لم تتوحد الامة ويتحرر ابناؤها من ضغط الحاجة والفقر ووسائل القمع والقهر لا يمكن ان تتحرر ارادتها وتنطلق طاقاتها المبدعة

ففي توحد الامة يتحقق تكامل حي وتفاعل خلاق بين سائر اجزائها ، وبكل طاقاتها وثرواتها الروحية والماديـة

وفي ظل الاشتراكية تتحقق العدالة الاجتماعية وتتكافأ الفرص ويتحرر ابناء الامة من ضغط الحاجة والفقر ويصعب على المغريات ان تشوه ارادتهم ·
وفي ظل الديمقراطية يتحرر ابناء الامة من القمع والاكراه والضغط ويستطيعون التعبير عن ارادتهم بحرية

وهكذا نجد في مفهوم الحرية هذا الترابط الحي الخلاق بين اهداف الحزب الثلاثة ، وبين انبعاث الامة ونهوضها الحضاري

بل ان مفهوم الحرية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم ( الانقلاب ) الذي سبق الحديث عن في موضوع ( البعث بعث الروح ) · فالحرية لا تأخذ مداها الواسع العميق الا اذا اعيد بناء الانسان العربي ، وازيح عن روحه صدأ التخلف والجهل والزيف والخمول وتحقق انقلاب جذري وشامل وعميق في فكره وسلوكه·
ولهذا كله كانت الحرية وممارساتها الديمقراطية جوهر الحياة الداخلية للحزب ، وكان حزبنا ديمقراطياً في تكوينه وبنائه التنظيمي وممارساته اليومية

الإشتراكية
تعني الاشتراكية في مفهوم البعث اقامة نظام اقتصادي واجتماعي مزدهر ينتفي فيه الاستغلال ، وتتحقق العدالة الاجتماعية ، وتتكافأ الفرص ، وتصبح فيه ثروات الامة الطبيعية ملكاً لها ، وتكرس لتطوير حياة ابنائها ، ويتحرر فيه اقتصاد الامة من التبعية للاقتصاد الرأسمالي العالمي ، وتتحقق تنمية شاملة في جميع المجالات
وهكذا يتخذ مفهوم الاشتراكية لدى البعث ثلاثة ابعاد رئيسية هي :
أ - تحرير ثروات الامة من هيمنة الدول الامبريالية ، وتحرير الاقتصاد من التبعية للاقتصاد الرأسمالي العالمي ، ومن نفوذ الشركات الرأسمالية متعددة الجنسية ·
ب - تحقيق تنمية شاملة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وزيادة الثروة القومية ·
جـ - اقامة نظام اقتصادي واجتماعي ينتفي فيه الاستغلال ، وتتحقق العدالة الاجتماعية ، وتتكافأ فيه الفرص بين المواطنين بحيث ينطلق الجميع من خط بداية واحد في شروط حياتهم الاساسية ، وتتضاءل الفوارق الطبقية بين الافراد الى الحدود التي ينتفي فيها الاستغلال

على ان الاشتراكية في مفهوم البعث لا تعني اشباع الجياع وتوفير شروط مادية افضل لحياة الافراد فحسب ، بل تعني قبل كل شيء تحريرهم من الحاجات والضغوط التي تمنع طاقاتهم الانسانية الخلاقة من التفتح والازدهار والانطلاق فما لم يهيء المجتمع الاشتراكي مناخاً صالحاً لنمو شخصية الانسان وازدهارها ، وما لم يضمن هذا المجتمع للانسان السعادة والاطمئنان على حياته ومستقبله ·· تتحول الاشتراكية الى مجرد اداة لإعادة توزيع الثروات المادية على حساب البعد الانساني ، وبذلك تختل حالة التوازن في المجتمع ، ويتحول الانسان الى آلة جامدة ، وروح كآبية خاملة ، كما كان عليه في الاتحاد السوفيتي المنهار

يقول القائد المؤسس المرحوم ميشيل عفلق
لو سئلت عن اسباب ميلي الى الاشتراكية لاجبت : ان ما اطمع به منها ليس زيادة في ثروة المعامل بل في ثروة الحياة وليس همي ان يتساوى الناس في توزيع الطعام بقدرما يهمني ان يتاح لكل فرد اطلاق مواهبه وقواه
فمعنى الاشتراكية العميق في مفهوم البعث هو اتاحة الفرص التي تمكن المواطن العربي من تحرير طاقاته الخلاقة المبدعة وممارسة دوره الانساني الايجابي في حياة امته وحياة الانسانية كلها ، ومن هنا يأتي ذلك الارتبطا العميق بين الاشتراكية والحرية في فكر البعث ومبادئه
ولهذا لم يلجأ البعث الى استنساخ مفهومات وتجارب اشتراكية نشأت في مجتمعات اخرى كما فعلت الاحزاب الشيوعية مثلاً ، بل استمد مفهوماته من تراث الامة ومن خصوصياتها القومية وحاجاتها الخاصة ، ومتطلبات انبعاثها ونهضتها واشتراكية البعث لا تأخذ مداها الكامل الا في المجتمع العربي الموحد ، ذلك ان ثروات الامة ثروات متنوعة ومتكاملة ، وفي ظل اقتصاد عربي موحد تتجانس المصالح ، وتتفق الاهداف ، ويتحقق التكامل ما بين الثروات ، والتفاعل بين الامكانات مما يؤدي الى ازدهار اقتصادي عربي شامل ، تنمو فيه الثروة القومية نمواً كبيراً ، وتتاح افضل الفرص للمواطنين العرب جميعاً

ان ما نراه اليوم من تفاوت اقتصادي كبير بين الاقطار العربية ، تعيش فيه بعض الاقطار في تخمة يبدد فيها الحكام الاموال على ملذاتهم وملذات اقاربهم واعوانهم بينما تعيش اقطار اخرى في ادنى مستويات الفقر ، هو نتيجة طبيعية لسوء توزيع الثروة العربية وسوء التصرف بها · غير ان بناء اقتصاد عربي موحد ومتكامل يتيح لكل الاقطار العربية ان تتخلص من الفقر ، وتزدهر ويعيش ابناؤها في ظل فرصة عادلة ومتكافئة

ومن هنا يأتي الارتباط الجوهري العميق بين الوحدة التي ينادي بها البعث والاشتراكية التي يسعى الى اقامتها في الوطن العربي

ليس معنى ذلك ان الاشتراكية يجب ان تظل هدفاً مؤجلاً الى ان تتحقق الوحدة ، بل معناه ان بناء الاشتراكية لا يتكامل ولا يعطي ثماره المرجوة بكاملها الا في مجتمع الوحدة ، فحينما يصل البعث الى الحكم في هذا القطر او ذاك يستطيع ان يتخذ خطوات اشتراكية للنهوض باقتصاده وتطوير حياة ابنائه ، ولكن عليه ان يكيف خطواته بحيث لا تتعارض مع البناء الاشتراكي في المجتمع العربي الموحد ، بل تنسجم معه وتتكـامـل
وفي هذا كله يقول الرفيق القائد صدام حسين ان طريقنا الخاص في بناء الاشتراكية ينطلق من خصوصيتنا الوطنية ، ومن اهدافنا القومية ، ويرتبط بهما ، وحين نجيء لنرى مظاهر خصوصية الاشتراكية على صعيد الفكر نجد في المقدمة ارتباطها بهدفي الوحدة القومية والحرية ، فنظرية البعث تقوم على الترابط العضوي بين الاهداف المركزية الثلاثة ، بوصفها اهدافاً متداخلة مترابطة ، ومن ثم اتصال هذه الاهداف الكبرى مجتمعة بخصائص الامة وارتباطها بشخصيتها وتراثها

حزب البعث العربي الاشتراكي في تونس

حـــزب البــعث العربي الاشـــتراكــي حــزب وطنــي وقومــي يهــدف الــى حمايــة وتعــزيــز الوحــدة الوطــنيــة ويسعــى لتــحقــيق وحدة الامة العــربية بطرق ديمقــراطية يعتمد في نضالــه على القوى الحيــة في المجتمع المؤمنــة بالمصير الواحــد لأقطــار الوطن العربي