الثلاثاء، أوت 7

عهد البطولة

عهد البطولة



الان تنطوي صفحة من تاريخ نهضتنا العربية وصفحة جديدة تبدأ , تنطوي صفحة الضعفاء الذين يقابلون مصائب الوطن بالبكاء وبان يقولو "لاا حول ولا قوة لا بالله" , صفة النفعيين الذين ملؤا جيوبهم ثم قالوا (لا داعي للعجلة كل شيء يتم بالتطور البطيء) , صفحة الجبناء الذين يعترفون بفساد المجتمع اذا ما خلوا لانفسهم حتى كانو اول من يطأطئ رأسه لهذه المفاسد ........وتبدء صفحةجديدة , صفحة الذين يجابهون المعضلات العامة ببرودة العقل ولهيب الايمان , ويجاهرون بافكرهم ولو وقف ضدهم اهل الارض جميعا,ويسيرون بالارض عراة النفوس . هؤلاء هم اللذين يفتتحون عهد البطولة .عهد البطولةواكاد اقول عهد الطفولة , لان النشئ الذي يتأهب اليوم لدخول هذه المعركة له صدق الاطفال وصراحتهم , فهو لايفهم مايسمونه سياسة , ولايصدق بان الحق يحتاج الى براقع, والقضية العادلة الى تكتم وجمجمة .حياة هؤلاء ستكون خطا واضحا مستقيما لافرق بين باطنها وظاهرها ولا تنناقض بين امسها ويومها فلا يقال عن احدهم " نعم ....انه سارق ولكنه يخدم وطنه"ولا يقودون بالصباح مظاهرة ويأكلو ن بالمساء على مائدة الظالمين .الصلابة بالرأي صفة من اجل صفاتهم ,فلا يقبلون بعقيدتهم هوادة , ولايعرفو ن المسايرة.فاذا رؤا الحق بجهة عادوامن اجله كل الجهات الاخرى , وبدلا من ان يسعوا لارضاء كل الناس اغضبوا كل من يعتقدون بخطئه وفساده . انهم قساة على انفسهم , قساة على غيرهم , ا ذا اكتشفوا في فكرهم خطأ رجعو ا عنه غير هيابيبن ولا خجلين , لان غايتهم الحقيقة لا انفسهم. واذا تبيتوا الحق في مكان انكر من اجله الابن اباه هجر الصديق صديقه .هؤلاء اليوم قليلون وربما اصبحوا بالغد اقل اذا اصطدمو ا بالمصاعب التي تنتظرهم , وراوا الويلات تنزل بهم واللعنات تنصب عليهم . ولكن المستقبل لهم لانهم يفصحون عن مشاعر ملايين الناس الذين قص الظلم السنتهم .ان الاسلحة التي تهددهذا النشئ كثيرة مختلفة ,وثمة سلاح امضى من االسجن والتعذيب ,هو سلاح البرودة التي يقابله بها بعض مواطنيه , ووالابتسامة الساخرة التي يجيبون بها على ندائه وحماسته.انهم سيقولون "دعوا هؤلاء الاطفال يلعبون برهة من الزمن ويحاولون تناول القمر بايديهم القصيرة ,ان الواقع كفيل بارجاعهم الى العقل ",ولكن واجب هذا النشىء ان تزيده ببرودة مواطنيه غيرة وايمانا ,وان يذكر ان بقاء بلاده حتى الان في تاخرها المعيب هو من جراء هذه الابتسامةالساخرة التي يتسلح بها الضعفاء كلما دعاهم الواجب واوستيقظ في ضمائرهم صوت الحق..ليست البطولة دائما في المهاجمة , بل قد تكون كذلك في الصبر .والثبات ,وليست الشجاعة في محاربة العدو الظاهري فحسب , لا انما هي ايضا - وعلى الاخص- محاربة العدو الباطني اي ان يحارب المرء في نفسه اليأس والفتور وحب الراحة ..في هذا العهد الجدبد الذي بدات تبا شير صبحه تختلج بالافق , نريد ان تكو ن النهضةوالاستيقاظ في كل عواطفنا الشريفة ومواهبنا العالية لا ان تنحصر اليقظة في عاطفة واحدة ضيقة .لم يعد يرضينا ان نسمع ان ذلك الشخص وطني اذا لم يكن انسانيا , عفيف النفس , كريم الخلق فالعاطفة الوطنية اذا لم تكن مصحوبة بهذه الصفا ت قد لا تكو ن الا كرها للاجنبي . وهذه ليست غايتنا . لسنا بطلب الاستقلال لننعزل عن هذه ال شعوب , ونقيم سدا بينننا و بين الحاضرة الانسانية . لسنا نصبوا الى الحرية لنعيش في فوضى , او نرجع الى ظلام القرون الوسطى . اننا نطلب الاستقلال والحرية لانهما حق و عدل قبل كل شئ ولانهما وسيلة لاطلاق مواهبننا العالية وقوانا المبدعة , كيما نحقق على هذه الارض التي هي بلادنا غايتتنا وغاية كل انسان –الانسانية الكاملة
الرفيق الراحل احمد ميشيل عفلق